أجرت وكالة أنباء “سبوتنيك” الروسية مقابلة مع الرئيس السوري بشار الأسد ، اليوم الخميس ، تناولت أبرز التطورات على الساحة السياسية والعسكرية في بلاده، لاسيما فيما يتعلق بتداعيات تحرير مدينة تدمر من قبضة تنظيم داعش، وتصوره عن الانتقال السياسي ونتائج مفاوضات جنيف.
وقال الأسد إن عدداً من الدول المفترض بأنها معنية بمكافحة الإرهاب أو جزء من التحالف الدولي الأمريكي لمكافحة الإرهاب، لم تعلن موقفاً حتى الآن من تحرير تدمر، مضيفا أن بريطانيا وفرنسا لم يصدرا أي تعليق حول تحرير المدينة، مضيفا “هناك أسباب لذلك: أولاً لأن احتلال تدمر من قبل الإرهابيين منذ أقل من عام كان دليلاً على فشل التحالف وعلى عدم جدّيته في مكافحة الإرهاب، وخاصة مكافحة داعش، وأيضاً تحريرها الذي تم بدعم روسي، كان هو الدليل الآخر على عدم جديتهم”.
وتابع الرئيس السوري إن “لدينا إرادة لتنظيف سوريا بشكل كامل من الإرهابيين، ولا يوجد خيارات لحماية سوريا إن لم نقم بمكافحة الإرهاب” مضيفا أن الجيش السوري مصمم على “تحرير كل منطقة”، مشيرا إلى الدور الذي لعبه الدعم الروسي والإيراني ودعم حزب الله اللبناني للجيش السوري.
وأوضح الأسد أنه بعد تحرير تدمر سيتجه الجيش السوري إلى المناطق المحيطة، التي تؤدي إلى المناطق الشرقية، كمدينة دير الزور، وبنفس الوقت سيبدأ العمل باتجاه مدينة الرقة التي تشكل الآن المعقل الأساسي لإرهابي داعش.
وحول أزمة اللاجئين، قال الأسد إنه لا توجد أرقام دقيقة حول الذين هاجروا من سوريا أو الذين هُجِّروا داخل سوريا، موضحا أنه حتى الآن لا يوجد عمل جدّي من قبل كثير من دول العالم لحل مشكلة هؤلاء، مضيفا “هم يتعاملون مع قضية الهجرة وكأنها تخصّ الخارج فقط، يريدون أن يستقبلوهم في بعض الدول الأوروبية ليؤمنوا لهم المأوى والمساعدات، وربما يرسلون بعض المساعدات للمهجّرين داخل سوريا”، معتبرا أن هذا لا يحل المشكلة.
وشدد الأسد على أن المشكلة الأساسية هي مكافحة الإرهاب على المستوى الدولي، لأنه ليس مرتبطاً بسوريا فقط، مضيفا أن “الإرهاب موجود في العراق، ومدعوم بشكل مباشر من تركيا ودولا أخرى بالمنطقة، ودولا غربية وخاصة فرنسا وبريطانيا، وباقي الدول تنظر، تشاهد، لا تقوم بعمل جاد”.
وفيما يتعلق بالأضرار التي لحقت ببلاده، قال الأسد إن الأضرار الاقتصادية المتعلقة بالبنى التحتية تتجاوز 200 مليار دولار، مضيفا أن الجوانب الاقتصادية يمكن ترميمها مباشرة عندما تستقر الأوضاع في سوريا، ولكن البنية التحتية تستغرق وقتاً طويلاً، موضحا “نحن بدأنا عملية إعادة الإعمار حتى قبل أن تنتهي الأزمة، لكي نخفّف قدر الإمكان من الأضرار الاقتصادية وأضرار البنية التحتية على المواطن السوري، وبنفس الوقت نخفّف من الهجرة إلى الخارج، ربما هناك من لديه الرغبة بالعودة عندما يرى بأن هناك أملاً بأن الأمور ستتحسّن”.
وتابع أن الهجرة ليس سببها فقط الإرهاب والوضع الأمني، وإنما الحصار والعقوبات الغربية المفروضة على سوريا، موضحا أن كثير من الأشخاص هاجروا من مناطق آمنة، ليس فيها إرهاب، بسبب الوضع المعيشي، إذ لم يعد المواطن قادراً على تأمين احتياجاته. وأضاف أنه يجب على الدولة القيام بأعمال – ولو أولية – من أجل تحسين الوضع الاقتصادي والخدمي في سوريا.
وأضاف أن عملية إعادة الإعمار هي عملية رابحة بجميع الأحوال بالنسبة للشركات التي ستساهم فيها، وخاصة إن تمكنت من تأمين قروض من الدول التي ستدعمها، مضيفا “طبعاً نتوقع في هذه الحالة أن تعتمد العملية على ثلاث دول أساسية وقفت مع سوريا خلال هذه الأزمة، وهي روسيا والصين وإيران، لكني أعتقد بأن كثيراً من الدول التي وقفت ضد سوريا، وأقصد الدول الغربية بالدرجة الأولى، ستحاول أن ترسل شركاتها لتكون جزءاً من هذه العملية”.
وتابع “بالنسبة لنا في سوريا لا شك بأن التوجّه الأساسي سيكون باتجاه الدول الصديقة .. بكل تأكيد لو سألتَ هذا السؤال لأي مواطن سوري سيكون جوابه سياسياً، عاطفياً، بأننا نرحّب أولاً بشركات هذه الدول الثلاث وفي مقدّمتها روسيا. وعندما نقول بنية تحتية، فهي تشمل ربما ليس عشرات المجالات والاختصاصات، بل المئات منها، لذلك أعتقد بأن المجال سيكون واسعاً جداً لكل الشركات الروسية للمساهمة في إعادة إعمار سوريا”.
وحول تقييمه لنتائج مفاوضات جنيف التي انتهت الأسبوع الماضي، أكد الأسد أنه “حتى الآن لا يمكن أن نقول بأن هناك شيئاً أُنجز في محادثات جنيف، ولكن بدأنا بالأشياء الأساسية، وهي وضع مبادئ أساسية تُبنى عليها المفاوضات، لأن أي مفاوضات بدون مبادئ تستند إليها تتحوّل إلى مفاوضات فوضوية لا يمكن أن تُنتج شيئاً، وتتيح لكل طرف بأن يتعنت، وتسمح للدول الأخرى بأن تتدخل بشكل غير موضوعي”.
وأضاف “الآن بدأنا بورقة مبادئ، كان عملنا الأساسي مع السيد دي ميستورا، وليس مع الطرف الآخر الذي سنفاوضه ، وسنتابع النقاش والحوار حول هذه الورقة في الجولة القادمة. أستطيع أن أقول الآن بأن ما تمّ إنجازه في الجولة الماضية، هو بداية وضع منهجية لمفاوضات ناجحة ، إن استمرّينا بهذه المنهجية، ستكون أيضاً باقي الجولات جيدة، أو منتجة”.
وفيما يتعلق بالانتقال السياسي في سوريا، عبر الأسد عن اعتقاده بأن تعريف مفهوم الانتقال السياسي هو الانتقال من دستور إلى دستور آخر، مشيرا ألى أن الدستور هو الذي يعبّر عن شكل النظام السياسي المطلوب في المرحلة المقبلة، وتابع أن المرحلة الانتقالية لابد أن تستمر تحت الدستور الحالي، وأن يتم الانتقال للدستور القادم بعد أن يصوّت عليه الشعب السوري.
وأوضح أنه “حتى ذلك الوقت، ما نستطيع أن نقوم به أن يكون هناك حكومة. هذه البنية الانتقالية، أو هذا الشكل الانتقالي، هو حكومة مشكّلة من مختلف أطياف القوى السياسية السورية، معارضة، مستقلين، حكومة حالية، وغيرها. والهدف الأساسي لهذه الحكومة العمل على إنجاز الدستور، ثم طرحه على السوريين من أجل التصويت، ولاحقاً الانتقال للدستور المقبل. لا يوجد شيء في الدستور السوري، ولا في أي دستور دولة من دول العالم اسمه هيئة انتقالية. هذا الكلام غير منطقي وغير دستوري” على حد قوله.
واعتبر الرئيس السوري أن الهدف من جنيف هو الحوار السوري – السوري للاتفاق على شكل هذه الحكومة، مشيرا إلى عدم وجود تصور نهائي حتى الآن، لأن “الأطراف الأخرى السورية” لم توافق على المبدأ بعد.
اخبار عربية