الأربعاء، 29 يونيو 2016

البرلمان التونسي: لولا صمود مصر لتفتت الوطن العربي

 لطفي النابلي

لطفي النابلي

عن قرار رفع قوات الأمن في تونس حالة التأهب على الحدود مع ليبيا، وأسبابه، وحول نقاش لجنة الدفاع والأمن في البرلمان لقرار تمديد حالة الطوارئ، أجرت “سبوتنيك” لقاء مع رئيس لجنة الأمن والدفاع بالبرلمان التونسي لطفي النابلي.

إليكم نص الحوار:

على وقع اشتداد المواجهات العسكرية بين القوات العسكرية التابعة لحكومة الوفاق الليبية في مدينة سرت الساحلية ووسط المخاوف التونسية من تسلل العناصر الإرهابية للداخل التونسي…ما هي الإجراءات الأمنية التي اتخذتموها لضبط الحدود مع ليبيا؟

النابلي: قامت الحكومة التونسية بعمل ساتر ترابي على الحدود، حيث أن المخاطر تكثر على الحدود التونسية الليبية خاصة في شهر رمضان المعظم، نظرا لتوغل المجموعات الإرهابية والأفراد التي يطلق عليهم الذئاب السائبة، وقد تزامن ذلك مع توتر الأوضاع داخل ليبيا، إضافة إلى الحصار الكبير الذي يحكمه الجيش الليبي على الدواعش في سرت، مما قد يعطيهم فرصة الهروب لأقرب نقطة وهي الحدود التونسية، لذا كان قرار تمديد حالة الطوارئ وإعطاء الأمر للقوات المسلحة وقوات الأمن الداخلي لرصد كل ما من شأنه تهديد الأمن والاستقرار التونسي.

إعلان رئاسة الجمهورية التونسية تمديد حالة الطوارئ في البلاد لشهر إضافي بسبب مخاوف من وجود تهديدات إرهابية (لتدخل حالة الطوارئ في تونس شهرها الثامن منذ الهجوم على قوات الحرس الرئاسي في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي)…برأيك هل فرض هذه الحالة الاستثنائية (الطوارئ) تساهم في استقرار البلاد أمنيا وسياسيا واقتصاديا؟

النابلي: لكل قرار يتم اتخاذه، جوانب إيجابية وأخرى سلبية، والاقتصاد التونسي اليوم غير قادر على تحمل ضربة إرهابية جديدة، لأن التداعيات التي يمكن أن تؤثر على الدورة الاقتصادية وانتعاش السياحة وعلى قطاع الأمن في تونس من الممكن دحرها بطريقة مباشرة عن طريق عملية يتبناها أفراد إرهابيون. لذا فقرار مد حالة الطوارئ هو قرار صائب، من جهة طمأنة المستثمرين ورواد قطاع السياحة في تونس على يقظة الدولة من خلال تمكين قوات الأمن الداخلي وقوات الجيش لحماية الوطن، حيث أن الخطر الآن لم يعد خطرا داخليا فقط، بل أصبح خطرا خارجيا أيضا، ولن يتم دحره والتعامل معه إلا عن طريق قوات الأمن والجيش اللذين يملكان الصلاحيات الكاملة لإيقاف كل ما من شأنه إيقاف عجلة التنمية التونسية. أما عن رفع حالة التأهب القصوى حاليا، فهي لحماية الحدود وليس لحماية المنشآت الداخلية، لأن الخطة الوطنية لمقاومة الإرهاب والتهريب قد تمكنت من اتخاذ الخطوات الاستباقية لكل العمليات الإرهابية التي يمكن القيام بها في الداخل وقامت بالتصدي لها وإحباطها، وقد وجدنا ثمار ذلك على أرض الواقع ، فقطاع السياحة الذي بدأ في الانتعاش هو مؤشر إيجابي على الطمأنينة الموجودة في تونس.

تنظيم “داعش” هدد مرارا بتنفيذ عمليات إرهابية داخل العاصمة…كيف تتعاملون مع هذه التهديدات؟

النابلي: نتعامل معها بكل جدية، فسمة تنظيم داعش هي التهديد، فهو لا يتوقف عن التهديد أبدا. لذا فقوات الأمن دائما ما تتخذ الخطوات الاستباقية ضد العناصر الإرهابية في الداخل لوقف نشاطها وتواجدها في العاصمة وباقي المدن. لكن يبقى التخوف دائما من الأفراد الذين قد يقومون بعمليات انتحارية منفردة بعيدة عن التنسيق مع التنظيم نفسه. وهذا ما يحاول التركيز عليه قوات الأمن للتصدي له، بالإضافة إلى أن من ضمن برامج الخطة الأمنية التونسية، توعية المواطن. فنحن لن نستطيع الوصول إلى الأمن الشامل دون أن يكون المواطن على مقدار من الوعي الكافي بمخاطر الإرهاب ومساوئه. فحتى القاعدة الشعبية الضئيلة التي كانت متواجدة ومتعاطفة مع تلك الجماعات التكفيرية منذ عام 2011 وحتى 2014، بدأت في التقلص حتى أصبحت السمة العامة على المجتمع في تونس هو تعاون المواطن مع أجهزة الأمن والإبلاغ فور الاشتباه ومن ثم تدخل قوات الأمن في عجالة لحماية الأمن الداخلي. فمنذ عملية بنقردان وتونس تحظى بدعم كبير من المواطن التونسي للمؤسسة الأمنية والعسكرية، لتبرهن على أن الإرهاب لا أمل له ولا طموح ولا مستقبل لتواجده على الأراضي التونسية بحمدالله.

وزير الشؤون الخارجية التونسي، خميس الجهيناوي، أشار في تصريحات الأسبوع الماضي، إلى تنسيق تونسي جزائري مصري، فيما يخصّ ليبيا ومعالجة الأزمة هناك والحدّ من تداعياتها على المستوى الإقليمي…حدثنا عن آليات هذا التنسيق؟

النابلي: بؤرة الصراع والإرهاب الموجودة في ليبيا، هي مصدر قلق لدول الجوار بلا شك، فأولى انعكاسات الإرهاب نجدها تتوجه دائما للجزائر وتونس ومصر. لذا فإن هذا التنسيق هو تنسيق دبلوماسي لدعم الحكومة الشرعية الموجودة في ليبيا، وتمكينها من الآليات وقاعدة المعلومات والمعطيات الخاصة بهذه المجموعات الإرهابية ذات الجنسيات المختلفة من الأفارقة والأجانب والعرب. كما يشمل هذا التنسيق الدعم اللوجيستي والسياسي، لتمكين الحكومة الشرعية من التحكم أكثر فأكثر في الوضع الأمني في الداخل الليبي، وكلنا نسعى لاستقرار ليبيا لأنه متى استقرت ليبيا انعكس ذلك أيضا على دول الجوار وأولاها دول المغرب العربي ومصر، وأشير هنا إلى الدور المصري العظيم في الصمود والوقوف أمام محاولات التفتيت والإرهاب ، فلو كان ما حدث في العراق وليبيا وسوريا قد حدث في مصر، لما كان حال الدول العربية جميعا على ما هي الآن، بل كنا سنصبح في حال لا يعلم بها إلا الله.

أيضا هذا يقودنا إلى جوهر الدور الذي تقوم به تونس لمساعدة ليبيا في التصدي للإرهاب؟ في ظل الرفض التونسي لأي تدخل عسكري دولي ضد “داعش” هناك؟

النابلي: نحن نقف ضد قرار مشاركة قوات أجنبية في الداخل الليبي، من باب عدم تدخل أطراف جديدة قد تخلق مزيدا من التوتر والاشكاليات الجديدة. أما عن الدعم المقدم فهو دعم رسمي لوجيستي وسياسي للحكومة الرسمية الليبية والجيش الوطني الليبي. كما إننا على استعداد كامل لتدريب القوات المسلحة الليبية، لتكون قادرة على التصدي ومواجهة العناصر الإرهابية المنتشرة هناك، فتونس لا تتدخل في الشأن الداخلي الليبي، لكنها تقف جنبا إلى جنب مع الحكومة الشرعية، وتقوم بتقديم الدعم اللازم للقوات المسلحة الليبية، حتى تصل إلى كونها الدرع الواقي للشعب الليبي. وإن طال الوقت أو قصر، فإن الإرهاب لن يستمر في ليبيا، لأن من أهم ما يتميز به الشعب الليبي هو المرجعية القبلية العربية المتمتعة بمستوى حضاري يمكنها من نبذ العنف والتطرف والإرهاب.

 



اخبار العرب

0 التعليقات:

إرسال تعليق