أظهرت مسودات لنتائج قمة زعماء الاتحاد الأوروبي وتركيا أن الجانبين بصدد توقيع اتفاق يوم الأحد يعرض على أنقرة أموالا وعلاقات أوثق مع الاتحاد الأوروبي مقابل مساعدة تركيا في وقف تدفق المهاجرين إلى أوروبا.
وتقود أنقرة مساومة صعبة في ظل إدراكها لمدى الحرص في أوروبا على إيجاد حل للأزمة التي أحاطت مصير منطقة شينجن التي يسمح فيها بالتنقل دون جواز سفر بالشكوك.
وقال دبلوماسيون إن الدول الثماني والعشرين عملت جاهدة طوال يوم السبت من أجل الاتفاق على عرض نهائي.
وأوضحت مسودة الاتفاق طبيعة التبادل الذي يتضمن مساعدة تركيا في إدارة تدفق اللاجئين على الاتحاد الأوروبي المتوقع أن يبلغ عددهم 1.5 مليون هذا العام فقط مقابل أن يقدم الاتحاد الأوروبي الأموال ويعيد إحياء محادثات انضمام أنقرة للاتحاد الأوروبي.
وقالت مسودة الاتفاق “سيكثف الجانبان على الفور تعاونهما بشأن المهاجرين … بمنع السفر إلى تركيا والاتحاد الأوروبي.. وضمان … أحكام إعادة القبول وإعادة المهاجرين الذين ليسوا بحاجة للحماية الدولية لمواطنهم على وجه السرعة.”
وقال رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو – الذي اجتمع مع قادة الاتحاد الأوروبي لثلاث ساعات بدءا من الساعة 1500 بتوقيت جرينتش – لدى وصوله للمشاركة في المحادثات إنها “صفحة جديدة” في مساعي تركيا التي تجمدت عشر سنوات لتصبح عضوا في الاتحاد الأوروبي.
وقال للصحفيين “اليوم هو يوم تاريخي في عملية انضمامنا للاتحاد الأوروبي.”
لكن رئيس القمة دونالد توسك رئيس المجلس الأوروبي شدد على أن الهدف الرئيسي من القمة هو وقف تدفق المهاجرين على أوروبا.
وقال “دعوت لهذه القمة لنقرر في المقام الأول ما الذي ينبغي على الاتحاد الأوروبي وتركيا عمله معا لاستيعاب أزمة المهاجرين. هدفنا الأساسي هو الحد من تدفق المهاجرين لأوروبا.”
ويتعرض الأوروبيون وتحديدا المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل لضغوط للتعامل مع أكبر تدفق للاجئين منذ الحرب العالمية الثانية. ويتوجه معظم هؤلاء إلى ألمانيا. وساعدت الأزمة المعارضين القوميين وألبت الدول على بعضها البعض الأمر الذي سبب توترا عبر الحدود المفتوحة للتكتل.
وقالت ميركل لدى وصولها للمشاركة في القمة “سنتفق على خطة العمل بين الاتحاد الأوروبي وتركيا اليوم.. أحد البنود الرئيسية من خطة العمل بين الاتحاد الأوروبي وتركيا سيكون كيفية إبدال الهجرة غير المشروعة بالهجرة المشروعة وكيف يمكننا تحسين وضع اللاجئين داخل تركيا.”
ولم تفعل التدابير التي اتخذها الاتحاد الأوروبي في الآونة الأخيرة شيئا يذكر للسيطرة على التدفق وعلى الرغم من أن الشتاء قد يقلل من الأعداد لبضعة أشهر إلا أنه يؤدي أيضا إلى تفاقم معاناة عشرات الالآف الذين تقطعت بهم السبل بسبب إغلاق الحدود في البلقان مما زاد من الضغوط على الزعماء الأوروبيين للتوصل لحل.
وأدى إسقاط تركيا لطائرة حربية روسية على الحدود السورية إلى تعقيد اجتماع قمة يوم الأحد والذي تمت الدعوة إليه قبل أيام فقط مع محاولة بروكسل التوصل لاتفاق طُرح قبل أكثر من شهر.
وأدى العمل التركي بدوره إلى تعقيد الجهود الأوروبية لاعادة الارتباط مع موسكو -رغم استمرار التوتر بشأن أوكرانيا- من أجل محاولة التوصل لسلام في سوريا يمكن أن يؤدي إلى إنهاء محنة اللاجئين واحتواء تنظيم داعش. وأكد أيضا الهجوم الذي شنه التنظيم في باريس قبل أسبوعين الدعوات العامة في الاتحاد الأوروبي لفرض قيود أكبر على الأشخاص القادمين من سوريا.
وقال رئيس الوزراء الأيرلندي إندا كيني يوم الأحد إن التوتر بين تركيا وروسيا بسبب إسقاط الطائرة الروسية يثير الكثير من القلق بينما قالت فيدريكا موجيريني مسؤولة السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي إن الحادث ينبغي ألا يؤثر على فرص إيجاد حل سياسي لسوريا.
وأثار إعلان تنظيم داعش مسؤوليته عن هجمات باريس قبل أسبوعين دعوات علنية لكي يضع الاتحاد الأوروبي ضوابط أكثر على دخول الوافدين من سوريا.
بموجب مسودة الاتفاق يعرض الاتحاد الأوروبي نحو ثلاثة مليارات يورو(3.2 مليار دولار) لتحسين حياة اللاجئين السوريين الذين يعيشون الآن في تركيا ويبلغ عددهم 2.2 مليون نسمة حتى يقل احتمال أن يركبوا سفنا للجزر اليونانية القريبة.
ويريد الاتحاد الأوروبي أيضا أن تجعل السلطات التركية هذه الرحلة أكثر صعوبة وأن تُبعد عددا أكبر من الأفغان والآسيويين الآخرين الذين يعبرون تركيا في طريقهم إلى أوروبا. ويريد أيضا أن يجعلوا تركيا تلتزم بإعادة الأشخاص الذين ينجحون في الوصول إلى اليونان ولكن يخفقون في طلباتهم بالحصول على حق اللجوء السياسي.
وجاء في مسودة ختام الاجتماع “اتفق الجانبان على أن اتفاقية إعادة الإدخال بين الاتحاد الأوروبي وتركيا ستصبح سارية بالكامل بدءا من يونيو 2016.”
وضغطت تركيا من أجل الحصول على أموال أكثر. وتركت المسودة احتمال تعديل المبلغ مفتوحا.
وقالت المسودة “ضرورة هذا التمويل وطبيعته ستكونان قيد المراجعة في ضوء الوضع الراهن. ولأن تركيا تستضيف أكثر من 2.2 مليون سوري وأنفقت ثمانية مليارات من الدولارات فإن الاتحاد الأوروبي شدد على ضرورة تقاسم الأعباء داخل إطار التعاون بين تركيا والاتحاد الأوروبي.
وفي المسودة حصل الأتراك على وعد بدخول أوروبا دون الحاجة لتأشيرات دخول إذا وفوا بالتزاماتهم بشأن تدفق المهاجرين خلال العام المقبل.
وتتحدث المسودة عن استكمال عملية رفع متطلبات تأشيرة الدخول للمواطنين الأتراك في منطقة شينجن بحلول أكتوبر تشرين الأول عام 2016 “بمجرد تلبية متطلبات خريطة الطريق.”
كما تعهد الاتحاد الأوروبي “بإعادة تنشيط” محادثات الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. وقال دبلوماسيون إن تركيا ستشهد تدشين محادثات بشأن التعاون الاقتصادي يوم الرابع من ديسمبر.
المصدر: رويترز
اخبار عربية