بعد سقوط حكم الإخوان المسلمين فى مصر، وفشلهم فى تقديم مرشح يوحد المعارضة السورية، وتحييد دورهم فى ليبيا، وتعثر التوصل إلى خارطة طريق مرضية لكل التيارات السياسية فى تونس، فضلاً عن تراجع دورهم فى الأردن والمغرب، باتت تركيا وقطر وحركة المقاومة الفلسطينية «حماس»، وهم الحلفاء الداعمون لتنظيم الإخوان المسلمين فى مأزق العزلة الإقليمية وتبددت الطموحات التركية والقطرية للعب دور إقليمى أكبر فى الشرق الأوسط، عززها روابط البلدين بالأحزاب الإسلامية التى استطاعت أن تصل إلى الحكم فى دول «الربيع العربى»، وبلغت العلاقات التركية- المصرية أشد درجات التوتر بعد طرد القاهرة السفير التركى اعتراضاً على تدخل أنقرة فى شؤون مصر الداخلية.
وإذا كان مؤسس الدول التركية الحديثة كمال الدين أتاتورك اعتبر أن تركيا هى «أرجنتين الشرق الأوسط»، حيث تتواجد جغرافياً فى المنطقة ووجدانياً فى أوروبا، فقد حول حزب «العدالة والتنمية» الإسلامى الحاكم فى تركيا بقيادة رئيس الوزراء رجب طيب أردوجان البلاد إلى «برازيل الشرق الأوسط»، حيث عادت للمنطقة باعتبارها القوة الاقتصادية الصاعدة التى تتملكها رغبة ملحة فى إعادة صياغة الأحداث الإقليمية فى المنطقة، الأمر الذى دفع النخبة الحاكمة فى تركيا إلى تعميق العلاقات الاقتصادية والسياسية مع الحكومات العربية، واتبعت سياسة خارجية رسمها مهندس السياسة الخارجية التركية أحمد داوود أوغلو تقوم على «تصفير المشكلات» مع دول الجوار، والانخراط بشكل أكبر فى تسوية قضايا الشرق الأوسط، لكن سقوط الإخوان فى مصر أجهض هذا المخطط فى مهده.
الأمر نفسه بالنسبة لقطر التى أرادت لعب دور إقليمى اتسم حتى عام 2011 بالحياد والوساطة فى النزاعات دون أن تصبح طرفا فيها، حيث قال عنها حاكمها المتنحى الأمير حمد بن خليفة فى مقابلة مع صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية إنها تنتهج «سياسة الصداقة» مع الجميع من دون أن تكون طرفاً فى أى نزاع، وكانت قطر تسعى لأن تكون مرجعاً فى الدبلوماسية الشرق أوسطية.
إلا أن ما حدث أن تركيا وقطر خلعا عن نفسهما «ثوب الصداقة» فى عام 2011 بدخولهما معترك «الثورات العربية»، وذلك من خلال دعم الإسلاميين والتجييش الإعلامى والشعبى.
وشهدت العلاقات المصرية مع تركيا وقطر تدهورا شديدا مؤخراً حتى وصل الأمر إلى إعلان السفير التركى غير مرغوب فيه فى مصر، بسبب الموقف التركى من عزل مرسى، وكذلك الحملة التى تشنها قطر من خلال قناة «الجزيرة» على الحكومة المؤقتة فى مصر. وتعود نقطة التحول الأولى فى عزلة تركيا الإقليمية إلى ما قبل الخسائر التى تكبدتها بسبب تغير الوضع المصرى، إلى السياسة التى تبنتها فى تعاملها مع الحرب الأهلية فى سوريا. ويرى المحللون أن إبعاد الإخوان المسلمين عن السلطة مؤخراً فى مصر، شكل ضربة كبيرة لطموحات تركيا وقطر فى ترسيخ موقعهما فى المنطقة العربية.
وكان سقوط الإخوان المسلمين كالصاعقة بالنسبة لحركة «حماس»، الامتداد الفلسطينى للإخوان المسلمين، وباتت الحركة تعانى العزلة المتزايدة فى قطاع غزة، وتواجه اتهامات بالتورط فى إثارة الفوضى فى سيناء والتخابر مع الرئيس المعزول محمد مرسى، كما تواجه «حماس» موقفا أكثر صعوبة بعد انتهاء شهر العسل فى ظل تحسن العلاقات مع مصر خلال حكم الإخوان المسلمين، الأمر الذى أدى إلى عدم قدرة قيادتها على التواصل وعقد الاجتماعات الضروريّة لاتخاذ القرارات.
هذا المحتوى من «المصري اليوم».. اضغط هنا لقراءة الموضوع الأصلي والتعليق عليه.
المصدر المصرى اليوم
0 التعليقات:
إرسال تعليق