تستضيف العاصمة البلجيكية بروكسل، اليوم الجمعة، قمة تضم مجموعة من رؤساء دول وحكومات أوروبية ورؤساء دول الساحل الخمس والعديد من وزراء الخارجية لدول عربية وأفريقية للبحث فى تمويل قوة مجموعة دول الساحل المسماة “جى 5” من أجل محاربة الإرهاب، والتى تضم مالى وتشاد وبوركينا فاسو والنيجر وموريتانيا.
وتأتى القمة استكمالاً للجهود السابقة التى بذلت لتوفير الدعم المالى اللازم لقوة “جى 5″، والتى كان من أبرزها قمة باريس المنعقدة نهاية العام الماضى وكانت بمثابة نقطة الانطلاق الأولى لتوفير التمويل اللازم المقدر بنحو 423 مليون يورو كتمويل مبدئى لبدء العمليات وتوفير العتاد. وأُعلن خلال تلك القمة عن مساهمة السعودية بـ100 مليون دولار إلى جانب مساهمة الإمارات بـ30 مليون دولار لتعزيز جهود التصدى للمتشددين.
بالإضافة إلى مساهمة الاتحاد الأوروبى 50 مليون دولار وتقديم الولايات المتحدة الأمريكية 60 مليون دولار فى صورة تعاون ثنائى لصالح الدول الخمس المعنية، كما تعهدت ألمانيا ممثلة بالمستشارة أنجيلا ميركل بأنها ستقدم “مساهمة كبيرة” ممثلة فى تجهيزات وبنى تحتى، فضلا عن الدعم الفرنسى المتمثل فى مساندة قوية على الصعيد الدولى ودعم لوجيستى يتجسد فى 70 عربة ودعم على الصعيد الميدانى، وهو ما قدره الرئيس الفرنسى بما قيمته 8 ملايين يورو.
ومن المنتظر أن يعلن فى قمة اليوم عن نجاح المجتمعين فى تخطى عتبة الـ300 مليون يورو، أى قيمة الدعم المالى الموعود لقوة مجموعة دول الساحل الخمس حيث سيعلن عن قرار الاتحاد الأوروبى بزيادة مساهمته فى تمويل القوة إلى مائة مليون يورو، وهو القرار الذى اتخذه سفراء الدول الـ28 الأعضاء فى الاتحاد فى اجتماعهم الثلاثاء الماضى.
وتسعى قمة، اليوم، إلى إبراز التقدم الذى حققته القوة تنظيميا وميدانيا، والتأكيد على أهمية استمرار المسار السلمى فى مالى، فضلا عن الحاجة إلى تدعيم العمل الأمنى بمشروعات تنموية فى الدول الخمس، وفى هذا السياق تنتظر الدول المانحة أن يتم عرض ما لا يقل عن 400 مشروع تنموى بقيمة إجمالية تصل إلى 6 مليارات يورو للسنوات 2018 و2022.
وقد أعلن عن إنشاء هذه القوة الإقليمية المشتركة خلال قمة دول الساحل التى عقدت فى يوليو الماضى بالعاصمة المالية باماكو، بمشاركة الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون، وأقر مجلس الأمن إنشاء القوة بقراره رقم 2359 لسنة 2017 ، وتضم جنودا ينتمون إلى دول الساحل الخمس، ومن المقرر أن يصل قوامها إلى 5000 رجل بحلول أواسط عام 2018، ولديها حتى الآن مقر قيادة فى سيفارى بمالى، وتهدف إلى مكافحة الهجمات التى يشنها مسلحون متشددون وتستهدف مالى والدول المجاورة، وملاحقة منفذيها عبر الحدود.
وتنتشر هذه القوة فى البداية على حدود مالى وبوركينا فاسو والنيجر لتنضمّ فى وقت لاحق إلى قوة برخان الفرنسية التى تطارد المتشددين فى دول الساحل، وبعثة الأمم المتحدة فى مالى “مينوسما” التى أنشأها مجلس الأمن عام 2013 لتحقيق الاستقرار فى مالى، ونفذت القوة حتى الآن عمليتين عسكريتين بدعم من فرنسا عند نقطة التقاء الحدود الثلاثية بين مالى والنيجر وبوركينا فاسو.
وكانت دول الساحل الخمس، قررت الشهر الماضى تأسيس صندوق ائتمانى يتولى مهمة إدارة الأموال التى ستقدمها الجهات الدولية لدعم هذه القوة العسكرية المشتركة، وتم الاتفاق بين الدول الخمس على شكل وهيكلة الصندوق الائتمانى الذى سيضم هيئتين هما “هيئة دعم” و”هيئة مراقبة”، لضمان الإدارة الجيدة والشفافة للأموال وتعزيز نجاح مهمة مكافحة انعدام الأمن فى منطقة الساحل.
وتأتى جهود الدول الخمس لتشكيل قوة عسكرية مشتركة متوازية مع تصاعد العمليات الإرهابية فى مالى عبر سلسلة هجمات استهدفت فى فترات متقاربة، القوات الأممية والفرنسية والأفريقية والجيش الحكومى المالى، فقد أصبحت هذه المنطقة أرضا خصبة وساحة خلفية لجذب التنظيمات الإرهابية التى واجهت حربا ضروسا ضدها، وبدت وكأنها نقطة التقاء لبقايا تنظيمى القاعدة و”داعش” الهاربين من مناطق الصراع الأخرى لإعادة ترتيب أوراقهما من خلال التنسيق مع التنظيمات المحلية الموجودة فى تلك المنطقة. وسهَل من حدوث ذلك تعثر المسارات السياسية لحل الأزمات المجتمعية فى دول الساحل وما صاحبه من ضعف فى أداء مؤسسات الدولة مما أدى بدوره إلى انتشار الفقر وتعثر برامج التنمية وتأخر مساعى النمو الاقتصادى.
وفى ضوء ما سبق، يتفق المراقبون على أن الحل العسكرى لن يكون كافيا وحده لمواجهة هذا الخطر الإرهابى المتفاقم والقضاء على التنظيمات المتطرفة، فمع الإقرار بأهمية المدخل العسكرى فى التعامل مع مثل هذه المشكلات الأمنية، غير أنه لا بد من وجود رؤية متكاملة لمحاربة الإرهاب وتنظيماته ويتم ذلك من خلال دعم مسارات الإصلاح السياسى والمصالحة السياسية فى الدول الأفريقية، ودعم جهود التنمية المستدامة من خلال تعزيز المشروعات التنموية للنهوض بالاقتصاد فى تلك الدول، بالإضافة إلى تكريس الجهود بهدف تعزيز الوعى لدى المواطنين وتصحيح الأخطاء والمفاهيم المغلوطة التى تستند عليها هذه التنظيمات فى تجنيد الشباب.
المصدر:أ ش أ
اخبار عربية
0 التعليقات:
إرسال تعليق